آراء

رماد الطريق حكاية باص لم يصل

د.محمد صالح السعدي

|
قبل 4 ساعة و 17 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

كان الطريق إلى أبين ساكنًا ذلك

الليل، إلّا من أنفاس المغتربين العائدين من بلاد الغربة , خمسون روحًا، كلٌّ يحمل في صدره حكاية انتظار: "أمٌّ تتهيّأ لاستقبال ابنها، طفلٌ يحلم بعناق أبيه، وزوجةٌ تزيّن بيتها بزهور العودة " .

عن القرى والناس، حادث مروع و اشتعل الباص , لهيبٌ مفاجئ كأنّ النار كانت تنتظرهم في كمين القدر , تعالت الصرخات، امتزجت بأصوات الحديد وهو يتآكل، وبصراخ أرواح تتشبّث بالحياة تحرّك الباص ببطىء، كأنّ الطريق يعرف أن هذه الرحلة الأخيرة, ضحكات متقطّعة ، أكياس هدايا ، دعوات مترددة بأن يصلوا بخير, لكن القدر كان يكتب في تلك اللحظة سطره الأسود الأخير....

عند منعطفٍ بعي

دٍ, لم يستطع أحد النجاة ؛ لم يجدوا بابًا يفتح ولا نافذة تُنقذ… كانت النوافذ تُطلّ على الجحيم... .

في دقائق، صار الباص رمادًا، وصار الركاب أسماءً في الأخبار، وتلاشى الحلم إلى الأبد ..

على جانب الطريق، بقي الحذاء المحترق، وحقيبة صغيرة فيها هدية لطفل لم يعد ينتظر...

في القرية، سقطت الأمهات مغشيّات حين سمعن الخبر ....

وفي المساء، تجمع الاباء والاخوة والاقارب يبحثون عن حبيب قد مضى , دفن الناس خمسين جثمانًا لا تُعرف ملامحها، وقالوا: “عادوا، لكنهم عادوا رمادًا" ..”

كلّ يوم يموت العائدون قبل أن يلمسوا أبواب بيوتهم..

كلّ طريقٍ في اليمن يحمل مقبرة جديدة، وكلّ نارٍ تشتعل تذكّرنا بأن أرواحنا أرخص من الوقود الذي أشعلها..

لم يكن حادثًا فحسب، بل مرثية وطنٍ يبتلع أبناءه وهم عائدون إليه بحلم الحياة..

في ظل غياب تام من سلطة .... لا سامح من اهمل واجبة .. الرحمة والمغفرة للضحايا وصادق العزاء لأسرهم ...

د.محمد صالح السعدي

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية